فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة النصر:
مكية.
{واستغفره} كاف.
آخرها تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة النصر:
مكية.
ليس فيها وقف تام لأنَّ قوله: {فسبح} جواب {إذا} والعامل في {إذا} إذا كانت ظرفًا جوابها ولا تكون إلاَّ في الأمر المحقق وقوعه ولذلك لم تجزم إلاَّ في الشعر لمخالفتها أدوات الشرط وإذا تجردت عن الشرطية فلا جواب لها وهل الناصب لها فعل الشرط أو فعل الجواب قولان أشهرهما الثاني وقيل الأول قاله الزمخشري والحوفي ورد عليهما أبو حيان وقال ما بعد فاء الجواب لا يعمل فيما قبلها.
{واستغفره} كاف.
آخر السورة تام. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال الدمياطي:

سورة النصر:
مدنية.
وعن أبي عمرو في أوسط أيام التشريق بمنى في حجة الوداع.
وآيها ثلاث.
فواصلها:
{الفتح} {أفواجا} {توابا}.
أمال {جاء} هشام بخلفه وابن ذكوان وحمزة وخلف.
ويوقف لحمزة على نحو {أفواجا} بالتحقيق وبإبدالها ياء مفتوحة لأنه متوسط بغيره المنفصل. اهـ.

.قال عبد الفتاح القاضي:

سورة النصر:
{ورأيت} لا خلاف بينهم في تحقيق همزته إلا حمزة إن وقف فيسهلها بين بين.
{واستغفره} لا يخفى ما فيه من الصلة لابن كثير وصلا وحذفها وقفا مع إسكان الهاء ومن حذفها مطلقا للباقين، مع إسكان الهاء وقفا. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة النصر:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة النصر: الآيات 1- 3]

{إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا (3)}

.الإعراب:

{في دين} متعلّق بـ: {يدخلون}، {أفواجا} حال منصوبة من فاعل يدخلون (الفاء) رابطة لجواب الشرط {بحمد} متعلّق بحال من فاعل سبّح أي متلبسا بحمد..
جملة: {جاء نصر اللّه} في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: {رأيت...} في محلّ جرّ معطوفة على جملة {جاء نصر..}.
وجملة: {يدخلون...} في محلّ نصب حال من {الناس}.
وجملة: {سبّح...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: {استغفره...} لا محلّ لها معطوفة على جملة سبّح.
وجملة: {إنّه كان توابا...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {كان توّابا} في محلّ رفع خبر إنّ.

.البلاغة:

الاستعارة المكنية: في قوله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. حيث شبّه المقدور وهو النصر والفتح، بكائن حيّ، يمشي متوجها من الأزل إلى وقته المحتوم، فشبّه الحصول بالمجيء، وحذف المشبه به، وأخذ شيئا من خصائصه وهو المجيء.

.الفوائد:

- العلم يرفع صاحبه:
عن ابن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: كان عمر رضي اللّه عنه يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم يدخل هذا الفتى معنا؟ فقال: إنه ممن علمتم، قال فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، ثم قال: ما تقولون في قول اللّه تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى ختام السورة، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد اللّه ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟
قلت: لا، قال: فما هو؟
قلت: هو أجل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعلمه {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فذلك علامة أجلك {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا} قال عمر: وما أعلم منها إلا ما تعلم.
قال ابن عباس: لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(110) سورة النصر:
مدنيّة.
وآياتها ثلاث.
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة النصر: الآيات 1- 3]

{إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا (3)}

.الإعراب:

{إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} {إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بسبّح الذي هو جوابها وجملة {جاء} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{نصر اللّه} فاعل {جاء} والفتح عطف على {نصر} والمصدر مضاف لفاعله ومفعوله محذوف أي إياك والمؤمنين.
وقال أبو حيان: ولا يصح إعمال فسبّح في إذا لأجل الفاء لأن الفاء في جواب الشرط لا يتسلط الفعل الذي بعدها على اسم الشرط، فلا يعمل فيه بل العامل في إذا الفعل الذي بعدها على الصحيح {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجًا} الواو عاطفة و{رأيت الناس} فعل ماض وفاعل ومفعول به والرؤية يجوز أن تكون بصرية فتكون جملة {يدخلون} حالية ويجوز أن تكون علمية فتكون الجملة مفعولا به ثانيا لـ: {رأيت} و{في دين اللّه} متعلقان بـ: {يدخلون} و{أفواجا} حال من الواو في {يدخلون} وهو جمع فوج بسكون الواو وقد تقدم شرحها.
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا} الفاء رابطة لجواب الشرط وسبّح فعل أمر وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و{بحمد ربك} حال، وقد اختلف في الباء فقيل: للمصاحبة والحمد مضاف للمفعول أي فسبّحه حامدا له أي نزهه عمّا لا يليق به وأثبت له ما يليق به فهي داخلة في حيّز الأمر.
فإن قلت: من أين يلزم بالحمد وهو إنما وقع حالا مقيدة للتسبيح ولا يلزم من الأمر بالشيء الأمر بحاله المقيد له وأجيب بأنه إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ولا من فعل الشخص المأمور نحو اضرب هندا ضاحكة وإلا لزم نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها وهنا من هذا القبيل وقيل للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبّحه بما حمد به نفسه كقوله الحمد للّه. {واستغفره}: الواو حرف عطف و{استغفره} فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به وجملة {إنه كان توّابا} تعليلية وإن واسمها وجملة {كان} خبرها و{توّابا} خبر {كا} ن.

.البلاغة:

في قوله: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} استعارة مكنية تبعية شبّه المقدور وهو النصر والفتح بكائن حيّ يمشي متوجها من الأزل إلى وقته المحتوم، فشبّه الحصول بالمجيء وحذف المشبّه به وأخذ شيئا من خصائصه وهو المجيء.
هذا وقد أورد الإمام الرازي فصلا ممتعا نورده لك فيما يلي لنفاسته وفائدته، قال: اتفق الصحابة على أن هذه السورة دلّت على نعي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وذلك لوجوه:
أولا: أنهم عرفوا ذلك لما خطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عقب السورة وذكر التخيير وهو قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته لما نزلت هذه السورة: «إن عبدا خيّره اللّه تعالى بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء اللّه تعالى» فقال أبو بكر فدنياك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا.
ثانيها: أنه لما ذكر حصور النصر والفتح ودخول الناس في الدين أفواجا دلّ ذلك على حصول الكمال، والتمام يعقبه الزوال والنقصان كما قيل:
إذا تمّ أمر بدا نقصه ** توقع زوالا إذا قيل تم

ثالثها: أنه تعالى أمره بالتسبيح والحمد والاستغفار واشتغاله بذلك يمنعه من اشتغاله بأمر الأمة فكان هذا كالتنبيه على أن أمر التبليغ قد تمّ وكمل وذلك يقتضي إنجاز الأجل إذ لو بقي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لكان كالمعزول من الرسالة وذلك غير جائز. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة النصر:
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {يدخلون} حال من الناس، و{أفواجا} حال من الفاعل في {يدخلون}. اهـ.

.قال الشيخ: حميدان دعاس:

سورة النصر:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة النصر: آية 1]

{إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}
(إذا) ظرفية شرطية غير جازمة {جاءَ نَصْرُ اللَّهِ} ماض وفاعله ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة ابتدائية لا محل لها {وَالْفَتْحُ} معطوف على ما قبله.

.[سورة النصر: آية 2]

{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجًا (2)}
{وَرَأَيْتَ} ماض وفاعله {النَّاسَ} مفعول به والجملة معطوفة على ما قبلها {يَدْخُلُونَ} مضارع وفاعله {فِي دِينِ اللَّهِ} متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه {أَفْواجًا} حال والجملة حال.

.[سورة النصر: آية 3]

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّابًا (3)}
{فَسَبِّحْ} الفاء رابطة وأمر فاعله مستتر والجملة جواب إذا لا محل لها {بِحَمْدِ} متعلقان بالفعل {رَبِّكَ} مضاف إليه {وَاسْتَغْفِرْهُ} أمر ومفعوله والفاعل مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها. {إِنَّهُ} إن واسمها {كانَ} كان واسمها المستتر {تَوَّابًا} خبرها والجملة الفعلية خبر إن. والجملة الاسمية تعليل لا محل لها. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة النصر ذكر فِيهَا اثْنَي عشر حَدِيثا:
1549- الحَدِيث الأول:
رُوِيَ أَن فتح مَكَّة كَانَ لعشر مضين من رَمَضَان سنة ثَمَان وَكَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عشرَة آلَاف من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَطَوَائِف الْعَرَب وَأقَام بهَا خمس عشرَة لَيْلَة ثمَّ خرج إِلَى هوَازن وَحين دَخلهَا وقف عَلَى بَاب الْكَعْبَة ثمَّ قال: «لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ صدق وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده» ثمَّ قال: «يأهل مَكَّة مَا ترَوْنَ أَنِّي فَاعل بكم» قالوا خيرا أَخ كريم وَابْن أَخ كريم ثمَّ قال: «اذْهَبُوا فَأنْتم الطُّلَقَاء» فَأعْتقهُمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت أخرجه ابْن هِشَام فِي السِّيرَة فِي فتح مَكَّة من قول ابْن إِسْحَاق إِلَّا أَنه قال فِيهِ إِن فتح مَكَّة كَانَ لعشر لَيَال بَقينَ من رَمَضَان.
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي فتح مَكَّة عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج فِي رَمَضَان من الْمَدِينَة وَمَعَهُ عشرَة آلَاف من الْمُسلمين... إِلَى أَن قال قال الزُّهْرِيّ فَصبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة لثلاث عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ وَمُحَمّد ابن علي بن الْحُسَيْن وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَعَمْرو بن شُعَيْب وَعبد الله بن أبي بكر وَغَيرهم قالوا كَانَ فتح مَكَّة سنة ثَمَان لعشر بقيت من شهر رَمَضَان انْتَهَى.
وَهَذَا اخْتِلَاف رِوَايَة وَأخرج الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي الرِّوَايَتَيْنِ ذكرهمَا فِي غَزْوَة حنين.
1550- الحَدِيث الثَّانِي:
عَن جَابر بن عبد الله أَنه بَكَى ذَات يَوْم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقال سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقول «دخل النَّاس فِي دين الله أَفْوَاجًا وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجًا»
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو ثَنَا أَبُو إِسْحَاق عَن الْأَوْزَاعِيّ ثني أَبُو عمار ثني جَار لجَابِر بن عبد الله قال قدمت من سفر فَجَاءَنِي جَابر بن عبد الله يسلم على فَجعلت أحدثه عَن افْتِرَاق النَّاس وَمَا أحدثُوا فَجعل جَابر يبكي ثمَّ قال سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقول «إِن النَّاس دخلُوا فِي دين الله أَفْوَاجًا وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجًا» انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده ثَنَا أَبُو أُسَامَة حَدثنِي الْمفضل ابْن يُونُس عَن الْأَوْزَاعِيّ بِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق بَقِيَّة بن الْوَلِيد ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ ثَنَا شَدَّاد بن عمار حَدثنِي جَار لجَابِر بن عبد الله... فَذكره.
وَاخْتَصَرَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فَرَوَاهُ فِي الْفِتَن من طَرِيق ابْن وهب ثني عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح عَن أبي الْأسود الْقرشِي عَن أبي قُرَّة مولَى أبي جهل عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه لما أنزلت عَلَيْهِ هَذِه السُّورَة إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح... إِلَى آخرهَا قال عَلَيْهِ السلام «ليخرجن مِنْهُ أَفْوَاجًا كَمَا دَخَلُوهُ أَفْوَاجًا» انْتَهَى وَقال صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ بِسَنَد أَحْمد وَمَتنه.
1551- الحَدِيث الثَّالِث:
قال أَبُو هُرَيْرَة لما نزلت قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَجَاء أهل الْيمن رقيقَة قُلُوبهم الْإِيمَان يمَان وَالْفِقْه يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية».
قلت غَرِيب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه من طَرِيق أبي عوَانَة عَن هِلَال ابْن خباب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قال لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله...} إِلَى آخرهَا قال نعيت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَفسه حِين أنزلت فَأخذ فِي أَشد مَا كَانَ اجْتِهَادًا فِي أَمر الآخر وَقال بعد ذَلِك جَاءَ الْفَتْح وَجَاء نصر الله وَجَاء أهل الْيمن فَقال رجل يَا رَسُول الله وَمَا أهل الْيمن قال: «رقيقَة قُلُوبهم الْإِيمَان يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية وَالْفِقْه يمَان» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْحَادِي عشر من الْقسم الثَّالِث، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم مُخْتَصرا رَوَاهُ فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث مُحَمَّد بن سِرين عَن أبي هُرَيْرَة قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «جَاءَ أهل الْيمن لَهُم أرق أَفْئِدَة الْإِيمَان يمَان وَالْفِقْه يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية»انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه من طَرِيق عبد الرَّزَّاق ثَنَا هِشَام بن حسان عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قال لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح...} إِلَى آخر لفظ المُصَنّف.
1552- الحَدِيث الرَّابِع:
قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أجد نَفْس ربكُم من قبل الْيمن» قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من حَدِيث عبد الله بن سَالم الْحِمصِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الْأَفْطَس ثَنَا الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي عَن جُبَير بن نفير عَن سَلمَة بن نفَيْل السكونِي قال دَنَوْت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقلت يَا رَسُول الله تركت الْخَيل وَأُلْقِي السِّلَاح وَزعم قوم أَلا قتال فَقال صلى الله عليه وسلم: «كذبُوا الْآن حَان الْقِتَال لَا تزَال من أمتِي أمة قَائِمَة عَلَى الْحق ظَاهِرَة» قال وَهُوَ مول ظَهره إِلَى الْيمن «أَنِّي أجد نَفْس الرَّحْمَن من هَاهُنَا وَالْخَيْل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا» انْتَهَى.
قال الْبَزَّار هَذَا حَدِيث رِجَاله شَامِيُّونَ مَشْهُورُونَ إِلَّا إِبْرَاهِيم ابْن سُلَيْمَان الْأَفْطَس انْتَهَى.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي كِتَابه مُسْند الشاميين ثَنَا أَبُو زرْعَة أَحْمد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَمْزَة قالا ثَنَا علي بن عَيَّاش الْحِمصِي ثَنَا حريز بن عُثْمَان عَن شبيب أبي روح عَن أبي هُرَيْرَة قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَان يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية وَأَجد نَفْس الرَّحْمَن من قبل الْيمن» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ فِي المعجم الْوسط ثَنَا أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو ثَنَا أَبُو الْيَمَان ثَنَا حريز بن عُثْمَان عَن شبيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «الْإِيمَان يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية وَأَجد نَفْس ربكُم من قبل الْيمن» مُخْتَصر.
قال الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا الْخَبَر إِن كَانَ مَحْفُوظًا فَمَعْنَاه أَلا إِنِّي أجد الْفرج من قبل الْيمن وَهُوَ كَقوله صلى الله عليه وسلم: «من نَفْس عَن مُؤمن كربَة نَفْس الله عَنهُ كربَة» أَي فرج ثمَّ نقل عَن الْأَزْهَرِي أَنه قال فِيهِ وَفِي حَدِيث أبي بن كَعْب لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من نَفْس الرَّحْمَن إِن النَّفس فِي هذَيْن الْحَدِيثين اسْم وضع مَوضِع الْمصدر لِأَن مصدر نَفْس تَنْفِيس فَوضع النَّفس مَوضِع التَّنْفِيس كَمَا وضع الْفرج مَوضِع التَّفْرِيج انْتَهَى.
والْحَدِيث بِلَفْظ الْكتاب فِي الفردوس من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَأنس.
1553- الحَدِيث الْخَامِس:
رَوَت أم هَانِئ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما فتح بَاب الْكَعْبَة صَلَّى صَلَاة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى قال مَا أخبرنَا أحد أَنه رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى غير أم هَانِئ فَإِنَّهَا ذكرت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم فتح مَكَّة اغْتسل فِي بَيتهَا وَصَلى ثَمَانِي رَكْعَات فَلم يره أحد صَلَّاهُنَّ بعد. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي سُنَنهمَا وَرَوَاهُ بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه.
وَرَوَاهُ احْمَد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي من نَحْو ثَلَاثِينَ طَرِيقا وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه والطبري فِي تَفْسِيره وَلَيْسَ عِنْد أحد مِنْهُم أَنه صلاهَا لما فتح بَاب الْكَعْبَة وَإِنَّمَا يَقولونَ يَوْم الْفَتْح أَو يَوْم فتح مَكَّة وَالله أعلم.
وَفِي سنَن أبي دَاوُد انه عَلَيْهِ السلام كَانَ يسلم يَوْم الْفَتْح من كل رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا يَنْفِي انه صلاهَا بِتَسْلِيمَة واحدة رَوَاهُ من حَدِيث كريب عَن أم هَانِئ.
وَبَعض الْعلمَاء أنكر أَن هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الضُّحَى قالوا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السلام لم يواظب عَلَيْهَا كَيفَ يُصليهَا فِي ذَلِك الْيَوْم مَعَ أَنه لم ينْو الْإِقَامَة بِمَكَّة وَمكث بهَا تِسْعَة عشر يَوْمًا من رَمَضَان يقصر الصَّلَاة وَيفْطر هُوَ وَجَمِيع الْجَيْش وَكَانُوا نَحوا من عشرَة آلَاف قالوا وَإِنَّمَا كَانَت صَلَاة الْفَتْح وَاسْتَحَبُّوا لأمير الْجَيْشاذا فتح بَلَدا أَن يُصَلِّي فِيهَا ثَمَان رَكْعَات وَهَكَذَا فعل سعد بن أبي وَقاص يَوْم فتح الْمَدَائِن لَكِن يرد هَذَا تَسْمِيَتهَا فِي الحَدِيث صَلَاة الضُّحَى كَمَا تقدم فِي لفظ البُخَارِيّ وَمُسلم لكنه من كَلَام الرَّاوِي.
وَقد ورد من كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان الثَّاء الْمُثَلَّثَة بِسَنَدِهِ إِلَى أم هَانِئ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَّى حِين فتح مَكَّة ثَمَان رَكْعَات قالت فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذِه الصَّلَاة قال: «هَذِه صَلَاة الضُّحَى».
وَيُؤَيِّدهُ أَيْضا أَنه قد رُوِيَ من حَدِيث عَائِشَة أَيْضا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث عشر من الْقسم الْخَامِس من حَدِيث عَائِشَة قالت دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَيْتِي فَصَلى الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات انْتَهَى.
فقد اتفقَا فِي التَّسْمِيَة وَالْوَقْت وَالْعد.
قال السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف هَذِه صَلَاة الضُّحَى وَقد صَلَّى سعد بن أبي وَقاص حِين افْتتح الْمَدَائِن وَدخل إيوَان كسْرَى صَلَاة الْفَتْح قال وَهِي ثَمَان رَكْعَات لَا يفصل بَينهَا وَلَا يُصَلِّي بِأمام وَلَا يجْبر فِيهَا بِقراءة قاله الطَّبَرِيّ انْتَهَى.
وَلَفظ أبي دَاوُد أَيْضا يرد هَذَا عَن أم هَانِئ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْفَتْح صَلَّى سبْحَة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى.
قال النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة سَنَده عَلَى شَرط البُخَارِيّ.
1554- الحَدِيث السَّادِس:
عَن عَائِشَة «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يكثر قبل مَوته أَن يَقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك»
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي أَوَائِل الصَّلَاة فِي بَاب مَا يُقال فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَاللَّفْظ لمُسلم عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قالت «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أَن يَقول قبل أَن يَمُوت سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك قالت فَقلت يَا رَسُول الله مَا هَذِه الْكَلِمَات الَّتِي أَرَاك تَقولها قال قد جعلت لي عَلامَة فِي أمتِي إِذا رَأَيْتهَا قلتهَا {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح...} إِلَى آخر السُّورَة» انْتَهَى.
وَلَفظ البُخَارِيّ قالت «مَا صَلَّى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَاة بعد أَن نزلت عَلَيْهِ إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح إِلَّا يَقول فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك رَبنَا اللَّهُمَّ اغْفِر لي» انْتَهَى.
1555- الحَدِيث السَّابِع:
وَعَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «إِنِّي لاستغفر الله فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مائَة مرّة»,
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الذّكر وَالدُّعَاء من حَدِيث أبي بردة عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّه ليغان عَلَى قلبِي وَإِنِّي لاستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة» انْتَهَى.
1556- الحَدِيث الثَّامِن:
رُوِيَ «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هَذِه السُّورَة اسْتَبْشَرُوا وَبكى الْعَبَّاس فَقال عَلَيْهِ السلام مَا يبكيك يَا عَم قال نعيت إِلَيْك نَفسك قال إِنَّهَا لَكمَا تَقول فَعَاشَ بعْدهَا سنتَيْن لم ير فِيهَا ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا».
وَقيل إِن ابْن عَبَّاس هُوَ الَّذِي قال ذَلِك فَقال عَلَيْهِ السلام «لقد أُوتِيَ هَذَا الْغُلَام علما كَبِيرا».
قلت الأول ذكره الثَّعْلَبِيّ من قول مقَاتل قال لما نزلت هَذِه السُّورَة قرأهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابه وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعَمْرو وَسعد بن أبي وَقاص فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا... إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَى مقَاتل أول كِتَابه.
1557- الحَدِيث التَّاسِع:
رُوِيَ أَن السُّورَة لما نزلت خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقال: «إِن عبدا خَيره الله بَين الدُّنْيَا وَبَين لِقَائِه فَاخْتَارَ لِقَاء الله» فَعلم أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَقال فَدَيْنَاك بِأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالنَا وَآبَائِنَا وَأَوْلَادنَا قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا فِي الْفَضَائِل من حَدِيث عبيد ابْن حنين عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس يَوْمًا فَقال: «إِن عبدا خَيره الله بَين الدُّنْيَا وَأَن يعِيش فِيهَا مَا شَاءَ وَبَين لِقَائِه فَاخْتَارَ لِقَاء الله» فَبَكَى أَبُو بكر وَبكى وَقال فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا وَكَانَ عَلَيْهِ السلام هُوَ الْمُخَير وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا بِهِ.
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث بسر بن سعيد عَن الْخُدْرِيّ نَحوه وَوَقع لَهُ فِي الصَّلَاة عَن عبيد بن حنين عَن بسر بن سعيد عَن الْخُدْرِيّ قال الْفربرِي الرِّوَايَة هَكَذَا وَصَوَابه عَن عبيد بن حنين وَبسر بن سعيد.
1558- الحَدِيث الْعَاشِر:
عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما كَانَ يُدْنِيه وَيَأْذَن لَهُ مَعَ أهل بدر فَقال عبد الرَّحْمَن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أيأذن لهَذَا الْفَتَى مَعنا وَفِي أَبْنَائِنَا من هُوَ مثله فَقال إِنَّه مِمَّن قد علمْتُم قال ابْن عَبَّاس فَأذن لَهُم ذَات يَوْم وَأذن لي مَعَهم فَسَأَلَهُمْ عَن قوله تعالى: {إِذا جَاءَ نصر...} وَلَا أرَاهُ سَأَلَهُمْ إِلَّا من أَجلي فَقال بَعضهم أَمر الله تعالى نبيه إِذا فتح عَلَيْهِ أَن يَسْتَغْفِرهُ وَيَتُوب إِلَيْهِ فَقلت لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن نعيت إِلَيْهِ نَفسه صلى الله عليه وسلم فَقال عمر مَا أعلم فِيهَا إِلَّا كَمَا تعلم ثمَّ قال كَيفَ تَلُومُونَنِي عَلَيْهِ بعد مَا ترَوْنَ.
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بتغيير يسير من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قال كَانَ عمر يدخلني مَعَ أَشْيَاخ بدر فَكَأَن بَعضهم وجد فِي نَفسه فَقال لم تدخل هَذَا مَعنا وَلنَا أَبنَاء مثله فَقال عمر إِنَّه من قد علمْتُم قال فدعاني ذَات يَوْم فَأَدْخلنِي مَعَهم فَأريت أَنه إِنَّمَا دَعَاني يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ فَسَأَلَ مَا تَقولونَ فِي قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقال بَعضهم أمرنَا بِحَمْد الله وَنَسْتَغْفِرهُ إِذا نصرنَا وَفتح علينا وَسكت بَعضهم فَلم يقل شَيْئا فَقال لي أَكَذَلِك تَقول يَا ابْن عَبَّاس فَقلت لَا قال فَمَا تَقول قلت هُوَ أجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أعلمهُ لَهُ قال: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَذَلِكَ عَلامَة أَجلك {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} فَقال عمر مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقول انْتَهَى.
وَوهم الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فَرَوَاهُ فِي الْفَضَائِل وَقال علي شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَزَاد فِيهِ ثمَّ قال عمر كَيفَ تَلُومُونَنِي عَلَيْهِ بعد مَا ترَوْنَ انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات.
1559- الحَدِيث الْحَادِي عشر:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه دَعَا فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فَقال لَهَا «يَا ابنتاه إِنَّه قد نعيت إلى نَفسِي فَبَكَتْ فَقال لَا تبْكي فَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي».
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيث هِلَال بن خباب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قال لما نزلت إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وَقال لَهَا «إِنَّه قد نعيت إلى نَفسِي فَبَكَتْ» فَقال لَهَا «اصْبِرِي فَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي».
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا سُلَيْمَان بن احْمَد ثَنَا احْمَد بن يَحْيَى الْحلْوانِي ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان عَن عباد بن الْعَوام عَن هِلَال بن خباب بِهِ سندا ومتنا زَاد فِيهِ فَقال لَهَا بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُك بَكَيْت ثمَّ ضحِكت قالت إِنَّه قال: «قد نعيت إلى نَفسِي فَبَكَيْت» فَقال لَا تبْكي فَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي فَضَحكت انْتَهَى.
وَبَعضه فِي الصَّحِيحَيْنِ رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة قالت اجْتَمعْنَ نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلم يُغَادر مِنْهُنَّ امْرَأَة فَجَاءَت فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها كَأَن مشيتهَا مشْيَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقال: «مرْحَبًا بِابْنَتي» ثمَّ أَجْلِسهَا عَن شِمَاله وَأسر إِلَيْهَا حَدِيثا فَبَكَتْ فَاطِمَة ثمَّ سَارهَا فَضَحكت فَقلت لَهَا مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ فَرحا اقْربْ من حزن فَقالت مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأحد حَتَّى إِذا قبض سَأَلتهَا فَقالت إِنَّه قال: «إِن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ بِالقرآن فِي كل عَام مرّة وَإنَّهُ عَارضه بِهِ الْعَام مرَّتَيْنِ وَلَا أَرَانِي إِلَّا قد حضر أَجلي وَإنَّك لأوّل أَهلِي لُحُوقا بِي وَنعم السّلف أَنا لَك» فَبَكَيْت ثمَّ إِنَّه سَارَّنِي فَقال: «أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ أَو نسَاء هَذِه الْأمة» فَضَحكت لذَلِك انْتَهَى.
وَقد تعَارض هَذَا بِمَا رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي الْفَضَائِل من حَدِيث عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «أَسْرَعكُنَّ لحَاقًا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا» قالت فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتهن أطول يدا حَتَّى توفيت زَيْنَب فَعرفنَا أَنه الصَّدَقَة وَكَانَت زَيْنَب امْرَأَة صناعًا تعْمل بِيَدَيْهَا وَتَتَصَدَّق.
وَالْجَوَاب أَن المُرَاد بالأهل فِي الأول الْأَقَارِب وَالْخطاب فِي الثَّانِي لِلزَّوْجَاتِ.
وَوَقع فِي البُخَارِيّ أَن سَوْدَة كَانَت أول أَهله لُحُوقا بِهِ رَوَاهُ فِي الزَّكَاة من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم قُلْنَ لَهُ أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا فَقال: «أَطْوَلكُنَّ يدا» فَأخذُوا قَصَبَة يَذْرَعُونَهَا فَكَانَت سَوْدَة أَطْوَلهنَّ يدا فَقُلْنَا بعد إِنَّمَا كَانَ طول يَدهَا الصَّدَقَة وَكَانَت أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ وَكَانَت تحب الصَّدَقَة. انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَإِذا تَأَمَّلت تَجدهُ غير مُنْتَظم فَإِن سَوْدَة كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا من حَيْثُ الْخلقَة وَزَيْنَب كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا من حَيْثُ الصَّدَقَة فَجمع بَينهمَا لسودة فِي متن البُخَارِيّ وَهَذَا وهم ظَاهر وَنسب إِلَى البُخَارِيّ نَفسه وَقد رَوَاهُ مُسلم عَن الصَّوَاب وَالله أعلم.
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا عَفَّان بن مُسلم ثَنَا أَبُو عوَانَة عَن فراس عَن عَامر عَن عَائِشَة... فَذكره بِلَفْظ البُخَارِيّ ثمَّ قال قال مُحَمَّد بن عمر يَعْنِي الْوَاقِدِيّ هَذَا الحَدِيث وَهل فِي سَوْدَة وَإِنَّمَا هُوَ فِي زَيْنَب بنت جحش فَإِنَّهَا كَانَت أول نِسَائِهِ لُحُوقا بِهِ توفيت فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب وَبقيت سَوْدَة بنت زَمعَة فِيمَا حَدثنَا بِهِ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم عَن أَبِيه أَن سَوْدَة توفيت فِي شَوَّال سنة أبع وَخمسين بِالْمَدِينَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَهُوَ الثبت عندنَا انْتَهَى.
قال ابْن الْجَوْزِيّ وَهَذَا بِلَا شكّ وهم من بعض الروَاة قال وَالْعجب من البُخَارِيّ كَيفَ لم يُغَيِّرهُ وَلَا نبه عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ زَيْنَب فَإِنَّهَا كَانَت أَطْوَلهنَّ يدا فِي الصَّدَقَة وَالعطَاء وَزَيْنَب توفيت سنة عشْرين وَسَوْدَة إِنَّمَا توفيت سنة أَربع وَخمسين انْتَهَى.
وَقال عبد الْحق فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ لما ذكر حَدِيث البُخَارِيّ فِي الْفَضَائِل وَالْمَعْرُوف أَن زَيْنَب كَانَت أول من مَاتَ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَاتَت أَيَّام عمر ابْن الْخطاب انْتَهَى.
والْحميدِي عده فِيمَا اتّفق الشَّيْخَانِ عَلَى مَتنه بِسَنَدَيْنِ وَلم يبين وهم البُخَارِيّ فِيهِ.
1560- الحَدِيث الثَّانِي عشر:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح أعطي من الْأجر كمن شهد مَعَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فتح مَكَّة»
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث سَلام بن سليم ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أمامة عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَبِسَنَد الثَّعْلَبِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط. اهـ.